يوم أن تآمر العالم المتوحش مع الصهيونية لإغتصاب بلادنا فلسطين , هب شعبنا مقاوما , فجّر الثورات في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي . ورفضوا كل مشاريع التقسيم والإستيلاء على أرض فلسطين ولم يقبلوا بوجود شراذم صهيونية مبعثرة هنا وهناك على أرضنا الغالية .
حيكت المؤامرات ودرّبوا الصهاينة ومدوهم بالسلاح والعتاد فاستولوا على معظم فلسطين وطردوا منها شعبها الذي ولد فيها وتربى على ترابها .
رغم ذلك كله لم يثني عزيمة الشعب الفلسطيني وطموحاته بالعودة لوطنه ودياره كل المحاولات . فبقي ثائراً وقضيته وآماله متقدة في وجدان كل فلسطيني , تسري في عروقه حب فلسطين والرجوع اليها . ففجروا ثورتهم ونضالهم لتحرير وطنهم واصطدموا بمن تآمر في الماضي وفي الحاضر عليهم من مستعربين واعوان الغرب . ولم يثني عزمهم كل تلك المحاولات . وبقيت روح النضال والمقاومة سمةٌ من سمات الشعب الفلسطيني . فحصل لهم في الأردن ولبنان والكويت ما حصل لهم .. من تهجير تلو تهجير .. ومن مؤامرة تلو مؤامرة .. فانتفضوا على العرب قبل الغرب , وصاروا مصدر إعجاب لكل ثوار وأحرار العالم . ولم تضيع فلسطين على الأقل في ذاكرتهم ووجدانهم . فكنا نفاخر الدنيا رغم السنين الطويلة التي عشناها مشردين ومهجرين بأننا لم نستسلم ولم تضيع قضيتنا ولن تضيع فلسطين .
استرحنا قليلا ثم عدنا الى وطننا تحت وهم مغلّف بثوب الحرية والإستقلال , ولم يلبث أن تمزق ذلك الثوب مع هبة أول نسيمٍ خفيف . ولم يكن حاجة لهبوب إعصار لتمزيق ذلك الثوب الوهن , فانكشفت أوجه كانت تتلفع بقناعها فظهر زيفها , وبرزت انيابها , وكشرت عنها , فصرنا نعض بعضنا البعض , والغريب والعجيب أن أنيابنا كانت أنياب لبونه على أعدائنا ومغتصبي بلادنا , وأنياب ليث عندما نعض بعضنا . فندمي .. ونقطع ..ونكسر العظم .. !! فأيقنت عندما رأيت تلك الأنياب أن فلسطين قد ضاعت . لم تضيع بفعل أنياب الصهاينة والغرب المتوحش طيلة ستين عاماً , ولكنها ضاعت من أول عضة عضتها أنياب أبنائها . فهل من منقذ للقضية ولفلسطين بتكسير وخلع أنياب أبنائها التي تعض لحمها ؟ .